بينما كانت الجريدة القومية في يدي تعج بالتصريحات الوردية و الكذب المقنع و المستتر و الواضح و الفاضح كان أمامي مشهد إسكافي يجلس أمام محله معالجا بإصرار يثير الانتباه حذاء به بعض الفتحات فكان يحيك بيده كما نرى في الأفلام القديمة بمهارة و تريث ما به من علل .. لحظات و جاءت سيدة في أوائل الأربعينيات تصطحب طفلتها بيدها أظن أنها في آخر عام من دراستها الابتدائية .. و سمعته يقول لها : يا مدام و الله الجزمة دي ما عاد فيها حل ينفع غير إنها تترمي. كان يقلب فردة الحذاء محاولا إيجاد ثغرة يتسلل إليها ليعالجها . كانت الطفلة الصغيرة على وجهها قد ارتسم حزن خفي لكنه واضح .. أما الأم فلقد كانت تتوسل إلى الرجل أن يفعل شيئا .. أن يحاول .. يجتهد .. و الرجل الطيب لا يجد نفعا لأي محاولة . فتأسف لها و أعطاها فردة الحذاء .. ارتدته البنت في قدميها بعد طول انتظار حافية
اصطحبت الأم ابنتها هممت بأن أناديها لأشتري لها حذاء جديدا لكني خشيت على إحساسها و رد فعلها و تساؤل ابنتها فلم أفعل .. و بدون إرادة وجدت دموعي تنساب .. تذكرت الجريدة و ما بها من تصريحات وردية و كأننا نحيا في وطن لا يحتاج مواطنوه إلى أي شيء من وفرة العيش و رغده ألقيت الجريدة من يدي و طحنتها بقدمي .. أما الأم فلقد غابت عن عيني التي لم تعد ترى من كثرة الدموع
محمد فوزي طه _ المنصورة
المصري اليوم 12/5/2008
كنت حابب بس اضيف تعليق صغير ان المعاناة المادية دي بتكون يعني الى حد ما مقبولة لو كان الانسان قادر انه يشتغل و قدامه شغل و مبيشتغلش لكن اللي يفقع ان المصري ممكن يكون بيشتغل اكتر من 15 ساعة في اليوم علشان في الآخر برضه يعيش عيشة مهينة ماديا و اجتماعيا و كل حاجه و بقول للنظام اذا كنت كالعادة حجتك هي قلة الموارد فممكن تتفضل تعلن فشلك و تسيب فرصة لغيرك ولو ان الكلام مبيجبش نتيجة في قلوب مبتحسش و تبلدت و نفوس اشبعت بحب المال و المناصب و الكراسي
{لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران188
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42