هجر القران
لقد حكى الله عز وجل في كتابه الحكيم شكوى الرسول الله صلى الله عليه وسلم لربه هجران قومه للقرآن فقال سبحانه: ( وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ) [الفرقان: 30]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
«يقول تعالى مخبراً عن رسوله ونبيه محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين ـ أنه قال :
{يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} وذلك أن المشركين كانوا لا يُصغون للقرآن ولا يستمعونه
كما قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ...}لآية.
فكانوا إذا تلي عليهم القرآن، أكثروا اللغط والكلام و غيره، حتى لا يسمعونه، فهذا من هجرانه
التحذير من هجره:
جاءت النصوص الكريمة من الكتاب والسنة ترشد الأمة إلى تعاهد القرآن بالتلاوة والتدبر، وتحذر كل الحذر من التقصير في حقِّه، أو هجران تلاوته والعمل به
**** وتوعّد الله سبحانه الذين يعرضون عنه فقال:
{وقد آتيناك من لدنا ذكراً * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً * خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا } [طه: 99-101] .
***** ثم صوّر حالة ذلك المعرض يوم القيامة فقال:
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه: 123-124].
أنواع هجر القرآن وهي:
1- عدم الاستماع إليه إذا تلي، وإكثار اللغط والكلام عند تلاوته حتى لا يسمع وعدم تلاوته
- لا يوجد على وجه البسيطة كتاب يحرم هجره، ويجب تعاهده وتلاوته إلا القرآن الكريم، فإن هذا من خصائصه التي لا يشاركه فيها أي كتاب.
- وقد أثنى الله عز وجل على الذين يتعاهدون كتاب ربهم بالتلاوة فقال: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } [آل عمران: 113].
- وحتى لا يقع الناس في هجران القرآن، فقد بحث العلماء مسألة: في كم يقرأ القرآن، وقالوا: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن ".
2- ترك الإيمان به وعدم التصديق .
3- ترك تدبره وتفهمه.
تدبر القرآن الكريم وتعقل معانيه مطلب شرعي، دعا إليه القرآن وحثّت عليه السنة، وعمل به الصحابة والتابعون ومن بعدهم،
قال تعالى:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29].
وقال أيضاً: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } [محمد: 24].
4- ترك العمل به فلا تمتثل أوامره ولا تجتنب نواهيه.
- يحرم هجر العمل بالقرآن الكريم، لأن القرآن إنما نزل لتحليل حلاله وتحريم حرامه والوقوف عند حدوده.
فلا يجوز ترك العمل بالقرآن، فإن العمل به هو المقصود الأهم والمطلوب الأعظم من إنزاله.
5- هجر تحكيمه والتحاكم إليه:
- أنزل الله عز وجل كتابه الكريم حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ونهاهم سبحانه عن تحكيم أو تحاكم إلى غير القرآن.
- فالقرآن الكريم هو دستور المسلمين، وهو الحكم فيما اختلفوا فيه من أمور دينهم ودنياهم، فلا يجوز هجره لابتغاء الحكم في غيره.
6- عدم الاستشفاء به والتداوي به في أمراض القلوب والأبدان:
وردت نصوص كثيرة في أن القرآن الكريم شفاء، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82].
وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } [فصلت: 44].
وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم صور تطبيقية عديدة للتداوي بالقرآن، سواء كان دواء للأبدان، أو للنفوس .
- وهجر الاستشفاء بالقرآن خلاف السنة، فهو مذموم وممقوت.
7- العدول عن سماعه إلى سماع آلات اللهو والغناء والطرب
نسأل الله أن يخلصنا مما يسخطه ويستعملنا فيما يرضيه.
فنسأل الله الكريم المنان، القادر على ما يشاء، أن يخلصنا مما يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يحبه ويرضاه، إنه كريمٌ وهاب»
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك