من خلف قضبان الألم *** و الحزن في الصدر احتدم
و الليل أسدل ستره *** و القيد يرزح في القدم
ألف السكون و صمته *** و أنين قلبٍ مذ ضرم
طافت به الذكرى فما *** ألفت سوى الدمع انسجم
ناجاه صمت الليل يا *** ليثاً هصوراً قد كُلِم
ما بالهم قطع الزئير *** فلم تناجيه القمم
ما بالها ارتطمت ريا.. *** حك و انثنى السيل العرم
ما بالها ارتسمت على *** عينيك آيات السقم
قد كنت سيفاً مصلتاً *** ما رنّحته يد السأم
قد كنت شهماً واضباً *** أنف المذلة في النعم
تمضي تنير لنا الطريق *** مجاهداً ليل السحم
ما هاب هول عتادهم *** فلكم أغار و كم غنم
قلي بربك ما الذي *** أرداك في بحر النقم
أو أنت من تقف الدُنا *** حقداً عليه و يبتسم
فأجابه صوت الأنين *** و حشرجت لغة الكَلِم
هذا هو الليث المكبل *** في سراديب الظلَم
هذا الذي عاف المنام *** لأجل ثكلى لم تَنم
هذا الذي ألقى عصا *** التلحان رهناً بالحمم
هذا الذي يفدي الجهاد *** فداؤه روح و دم
و الآن وا أسفي عليه *** غريق بحر ملتطم
لم ينبري أحدٌ له *** لم يفتدوه ألو الشِيَم
تركوه في ظلماته *** و الليل بالكيد ادلهم
هجروه ما سلّوا له *** سيف النكاية ينتقم
لكنه رغم القيود *** و رغم آلاف التهم
سيظل ينبض عزة *** من خلف قضبان الألم