عامٌ مضـى مـن عمْرِنـا فـي غفْلـةٍ
فَتَنَـبَّـهـوا فـالـعـمـرُ ظــــلُّ سَــحــابِ
وتَــهــيّــؤوا لِـتَـصَــبُّــرٍ ومــشــقَّـــةٍ
فأجـورُ مـن صَبَـروا بغـيـر حـسـابِ
اللهُ يَــجــزي الـصـائـمـيـنَ لأنــهـــم
مِــنْ أَجـلِـهِ سَـخِـروا بـكـلِّ صـعـابِ
لا يَــدخـــلُ الـــريَّـــانَ إلا صـــائـــمٌ
أَكْـرِمْ ببـابِ الـصْـومِ فــي الأبــوابِ
وَوَقـاهـم الـمَـولـى بـحــرِّ نَـهـارِهـم
ريــحَ السَّـمـومِ وشــرَّ كــلِّ عــذابِ
وسُقـوا رحيـقَ السَّلْسبـيـلِ مـزاجُـهُ
مِــنْ زنجـبـيـلٍ فـــاقَ كـــلَّ شَـــرابِ
هـــذا جـــزاءُ الصائـمـيـنَ لـربِّـهــم
سَـعِــدوا بـخـيـرِ كـرامــةٍ وجَــنــابِ
الـصـومُ جُـنَّـةُ صـائــمٍ مـــن مَـأْثَــمٍ
يَنْـهـى عــن الفحـشـاء والأوشــابِ
الـصـومُ تصـفـيـدُ الـغـرائـزِ جـمـلـةً
وتــحــررٌ مـــــن رِبْــقـــةٍ بــرقـــابِ
ما صامَ مَـنْ لـم يَـرْعَ حـقَّ مجـاورٍ
وأُخُــــــوَّةٍ وقـــرابـــةٍ وصـــحــــابِ
مـا صـامَ مَـنْ أكَـلَ اللـحـومَ بِغيـبَـةٍ
أو قــالَ شـــراً أو سَـعَــى لـخــرابِ
مـا صـامَ مَــنْ أدّى شـهـادةَ كــاذبٍ
وأَخَـــــــــلَّ بـــــالأَخـــــلاقِ والآدابِ
الصـومُ مـدرسـةُ التعـفُّـف ِوالتُّـقـى
وتــقــاربِ الـبُــعَــداءِ والأغـــــرابِ
الـصــومُ رابـطــةُ الإخــــاءِ قــويــةً
وحــبــالُ وُدِّ الأهْــــلِ والأصــحــابِ
الصـومُ درسٌ فـي التسـاوي حـافـلٌ
بـالــجــودِ والإيــثـــارِ والـتَّــرحْــابِ
شـهـرُ العزيـمـة والتصـبُّـرِ والإبـــا
وصـفــاءِ روحٍ واحـتـمـالِ صـعــابِ
كَـمْ مِـنْ صيـامٍ مـا جَـنَـى أصَحـابُـه
غـيـرَ الظَّـمـا والـجــوعِ والأتـعــابِ
مـا كـلُّ مَـنْ تَــرَك الطـعـامَ بصـائـمٍ
وكـــذاك تـــاركُ شـهــوةٍ وشـــرابِ
الـصـومُ أسـمـى غـايـةٍ لــم يَـرْتَــقِ
لـعُـلاهُ مـثــلُ الـرسْــلِ والأصـحــابِ
صـــامَ الـنـبـيُّ وصـحْـبُـهُ فـتـبـرّؤوا
عَـنْ أن يَشيبـوا صومَـهـم بالـعـابِ
قــومٌ هـــمُ الأمـــلاكُ أو أشبـاهُـهـا
تَـمـشــي وتــأْكــلُ دُثِّــــرَتْ بـثـيــابِ
صَقَـلَ الصـيـامُ نفوسَـهـم وقلوبَـهـم
فَـغَـدَوا حـديـثَ الـدَّهــرِ والأحـقــابِ
صـامـوا عــن الدنـيـا وإغْراءاتِـهـا
صـامـوا عــن الـشَّـهَـواتِ والآرابِ
سـارَ الغـزاةُ إلـى الأعـادي صُوَّمـاً
فَتَحـوا بشهْـرِ الـصْـومِ كُــلَّ رحــابِ
مَلكوا ولكن ما سَهَوا عن صومِهم
وقـيــامِــهــم لـــتــــلاوةٍ وكـــتــــابِ
هم في الضُّحـى آسـادُ هيجـاءٍ لهـم
قَصْـفُ الرعـودِ و بـارقـاتُ حــرابِ
لـكـنَّـهـم عــنــد الــدُّجــى رهـبــانُــه
يَبـكـونَ يَنْتَحِـبـونَ فـــي الـمـحـرابِ
أكـرمْ بهـمْ فـي الصائميـنَ ومرحبـاً
بـقـدومِ شـهــرِ الـصِّـيـدِ والأنـجــابِ