لم تكف يوما عن احلامها تلك الأماني المعششة في مخيلتي
المحتفظة بكل أوراق السنين التي مضت ملوحة لقلب عاش على ذكراها
وتنفس في فضاءاتها الممتدة على طول رحلة العمر الطويلة .
يقبل كل يوم من الزمن حاملا ألي أوراقه في إحدى يديه ويحمل ورده بيضاء
في يده الأخرى ملوحاً بها في وجه الشمس
وتزداد بياضا وزهوا وجمالا كلما سطعت شمس ذلك اليوم ويهديها إلي
بعد أن يحتسي قهوة الغروب على مقعدي ويرحل..
أحاول أسأله حين يهم بالرحيل عن من سيأتي في الغد إلى هذا المكان
وما الذي سيحمل لي في يديه وعند مقدمه
أريد أسأله عن لون الوردة التي سيهديني إياه عند رحيله وعن هيئته
وعما سيكتب في أوراقه قبل رحيله فأتردد وانتظر الشوق والقناعة والرضاء
بمن سيأتي ومن سيرحل وما يحملون وما يكتبون؟..
خيوط الشمس الأولى قد لاحت في الأفق
وأصوات العصافير بدأت تضج السماء وكأنها تخبرني وأنا في سريري
أغط في نوم عميق كي استيقظ وتعلمني عن قدوم راكب جديد آخر وضع خطواته الأولى
على رمال الزمن يحمل في جعبته وعلى راحلته الكثير الأماني والورود الملونة
كتلون السنين ومختلفة كاختلاف قلوب البشر الذي يعيشون في هذا العالم الكبير.
استيقظ من حلمي وانتبه لهذا القادم واستقبله وأعانقه
واشتم عطره الجميل بكل عشق وأمل وأقارن بينه وبين راكب الأمس
الذي ارتحل عند الغروب وأجده أجمل بل هو أجمل
وان كان ليس كذلك فأن أنكرته العيون لا بد أن يصدقه القلب ويرضى
بما أهدته له الأماني والسنون ...
ويمر يوم وراءه يوم راكبون يأتون وآخرون يرحلون وأنا على مقعدي
احتسي قهوة الشروق وأودعهم عند الغروب راضياً بورودهم وعطرها ..
وانتظر ذلك الراكب الذي سيأتي يوماً ويحملني معه إلى بعيد وأودع كوخي الصغير
وألقى الأماني التي لا تفارقني واضع خطوات جديدة على رمال الزمن
وأمحو خطوات قديمة إلى الأبد ...