يحاول النظام الغربي جاهداً أن يصبغ شعوب العالم بصفاته ويحاول أن يجعل من أسلوب حياته وطريقة معيشته وطرائق تفكيره أسلوباً سائداً في العالم كله وهو ما سمي بالعولمة التي تحاول أن تأكل كل خصوصيات الشعوب ومميزاتها ليسهل عليها بعد ذلك قيادة العالم بطريقة سهلة وبسيطة.
لكن العالم الغربي مازال يفاجئ حتى تاريخه – على الرغم من كل الاختراقات - بميزات وخصوصيات للأمة العربية والإسلامية تحيره وتعود به إلى الحلقة المفقودة التي لا يعرف سرها ولا كينونتها.
ومن هذه الميزات ميزة شهر رمضان المبارك الذي وفجأة ومن غير سابق إنذار يوقظ هذه الأمة لتعود من دون تحضير أو تهيؤ مسبق لتظهر كل مميزاتها وصفاتها وطريقة حياتها متحدية كل أشكال العولمة.
لقد حاول الغرب أن ينشر فكرة العولمة الاقتصادية عولمة الشركات القوية والعملاقة التي تأكل الفقير وتسحق الضعيف فلا مكان للفقير بينها ولا مجال لتحرك الضعيف بين رواقها ولكن يأتي شهر رمضان ليهدم هذه الفكرة من أساسها فترى الناس يسرعون لدفع زكاة أموالهم وتكثر الصدقات تأسياً بالرسول الكريم حيث كان جوادا كريما وكان أكثر ما يكون جوادا في رمضان فيدفعون الزكاة ويكثرون من الصدقات فينتعش حال الفقير ويُسد خلله.
وحاولوا من خلال أفلامهم وطريقة حياتهم أن ينشروا فكر الانعزال والوحدة والأنانية فالمهم هو ذات الشخص, وبدأ بعض الشرقيين بمجاراتهم ولكن فجأة يأتي رمضان ليحي في نفوس المسلمين فكرة صلة الرحم وحب السهرات الاجتماعية فهذا يزور أخته وهذا يصالح أخاه ناهيك عن صلاة التراويح التي تجمع أهل الحي الواحد فيسلمون على بعضهم ويحيون بعضهم.
وحاولوا من خلال همجيتهم وعدوانتيهم أن يفرضوا فكرة العولمة السياسة عولمة أن السيطرة للأقوى وأن الأمم الضعيفة لا مكان لوجودها بين الأمم لكن يأتي رمضان ويحمل بين طياته ذكرى غزوة بدر التي تمثل أن الضعيف ينتصر على القوي إذا كان صاحب عقيدة وعزيمة ويذكرنا بقول الله تعالى " وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".
وحاولوا أيضا نشر ثقافة الانحلال الخلقي والمجون والعولمة الجنسية فكل شيء مباح عندهم بلا ضوابط ولا أخلاقيات وحاولوا جاهدين فعل ذلك عبر تصدير ذلك في أفلامهم ومسلسلاتهم.
فيأتي رمضان ليحي في نفوس الناس الترفع عن هذه الأمور فيقول له إنه في نهار رمضان المسلمون لا يقتربون من زوجاتهم فكيف يقتربون من غيرهم.
وهكذا يشكل رمضان الرقم الصعب في مواجهة العولمة, يحافظ رمضان من خلالها على ميزات هذه الأمة العربية الإسلامية ويحافظ على طبائعها وخصوصياتها ويقف موقفا حازما في التماهي في التقليد لصفات الأمم التي لا تناسب مجتمعاتنا ولا ديننا .
فأهلا بك يا شهر الصيام وأنت تتحدى العولمة وربما من حيث لا ندري