العناد من اضطرابات السلوك الشائعة عند الاطفال وجميع الاطفال يمرون من خلال مراحل نموهم بهذا السلوك الذي يمكن ان يبقى ثابتا لدى بعض الاطفال وهذا السلوك قد يهدد الاسرة ويقودها نحو طريق مسدود،
والعناد الطبيعي يظهر في حياة الطفل في السنة الثانية من عمره ولا يعتبر سلوكا مرفوضا بل انه يدل على تقلب في مزاجه ومحاولة للتكيف مع بيئته وكثيرا ما تشكو الامهات من أن اطفالهن لا يستمعون الى اوامرهن ولا يطيعون آباءهم واصرار اطفالهن على تنفيذ ما يريدون.. وهناك اسباب تجعل الطفل مولعا بالعناد وكما يقول الحكماء ان معرفة الداء نصف الدواء لذا فمن الضروري ان يعرف الوالدان اسباب هذا السلوك عند الاطفال وبالتالي السيطرة عليه بعلاج يشبع حاجات هذا الطفل ليتنازل عن هذا السلوك او يتركه الى ما هو افضل منه..
لماذا يعاند الطفل.. الأسباب
اسباب كثيرة تدفع بالطفل الى مجادلة الاخرين وتحدي اوامر الاب والام في اغلب الاوقات واصراره على عدم طاعة والديه ورفضه لأية اوامر تقيد حريته او تحد منها خاصة الاوامر التي تتعلق بالعابهم واوقات نومهم وتناول طعامهم الصحي.
وايضا من هذه الاسباب محاولة الطفل لاثبات ذاته ولفت الانظار اليه وتقليد الكبار والشعور بالغيرة الشديدة والمنافسة وقد يأتي كترجيح لحالة الضيق التي قد يشعر بها الطفل لتفريغ شحنات التوتر في صدره بسبب توجيهات الاباء المثالية التي لا تراعي (احيانا) واقع الطفل وظروفه.
وكذلك فان تقييد حركة الطفل وتقليص مساحة الحوار معه وتعارض رغبات الكبار مع الصغار تدفع بهم الى بروز حالة شديدة من العناد بالاضافة الى عدم تلبية حاجات الطفل الاساسية وتشجيعه او شكره على الامور الجيدة التي يقوم بها فالطفل الذي يعاني من التعب الشديد يشعر بحاجة ملحة للاستراحة ويطلب ذلك من والديه ومن يشعر بالجوع يحتاج للطعام وفي مثل هذه الاوضاع يعبر الطفل (وخاصة الصغير) عن حاجته بهذا السلوك ( العناد).
واحيانا يلجأ الطفل الى الاصرار على لبس ملابس معينة من التي يختارها بنفسه وليس والدته لانه مثلا يريد التشبه بأبيه او اخيه الاكبر او حتى والدته او اصرار الطفل على ممارسة سلوكيات غير لائقة ومتصادمة مع مصلحة الاسرة والطفل حينما يطلب من ابيه او امه شيئا ولا يعيرانه اي اهتمام فيلجأ الى اسلوب البكاء حينها ينال العقاب منهما على هذا الاصرار او هذا العناد الواضح ولكنه لا يهدأ ويواصل البكاء والعزوف عن الطعام حتى يضطرهما في نهاية الامر للخضوع لمطاليبه وفي كثير من الحالات يتعمد الطفل الى اختبار والديه ليرى هل انه قادر على مجابهتهما وتحديهما ام لا؟ فيتبع العناد والبكاء لتحقيق مطاليبه وهذه التجربة تشجعه على معاودة هذا السلوك في المرات القادمة مع والديه.
وقد يكون عناد الطفل ناتجاً عن تهرب الطفل من والديه خاصة اذا كانا يتصفان بالاستبداد وربما يكون معاندا اكثر من اجل التخلص من هذا الوضع والطفل مجبور (في هذه الحالة) على عدم الخضوع لتلك الاوامر الاستبدادية لانه يرى فيها عاملا يتعارض مع استقلاله ولذلك ينتهج اسلوب العناد للتخلص منها.
كيف يعالج هذا السلوك عند الطفل
بعد ان تعرفنا على الاسباب التي تجعل الطفل عنيدا لابد من التركيز على الحاجات التي تشبع وتغير في هذا السلوك من عدائي سلبي الى سلوك ايجابي مقنع لدى الاطفال ولابد من لجوء الوالدين الى اساليب تربوية مميزة للتغلب على حالات العناد عند الاطفال وضمان تخلصهم من هذه العادة السلوكية التي تؤثر في حياتهم الاسرية داخل البيت وخارجه، وتوفير الاسباب التي تقلل من هذا السلوك ومنها التشجيع المستمر عبر كلمات الحب والحنان كي لا يتفاقم العناد وجعل الطفل يخضع لاوامر والديه عبر هذه الكلمات وتعليمه كيفية ترك اسلوب التحدي والعناد والمواجهة وكذلك تعليمه فن الحوار للتعبير عن رأيه في اي شيء يرفضه بدلا من التصرف غير الصحيح وتدريب الطفل على تطبيق الآداب الاجتماعية المتعلقة بأحترام الكبير وترك فرص الاختيار للطفل للتمييز بين ما هو جيد وصحيح والخطأ غير اللائق.
كذلك يجب ان يحرص الوالدان وحتى اخوانهم الكبار على عدم ارهاق كاهل الطفل بالتكاليف والاعمال المملة، واحيانا قد يكون الطفل على حق في عناده وقد يكتشف الوالدان ذلك واذا كان الطفل على حق فعلى الوالدين ان يتراجعا عن رأيهما او موقفهما وفي هذه الحالة سيكون الكبار قدوة للتراجع عن موقف العناد في حياة الطفل خاصة اذا بدأ الوالدان ذلك التراجع في سن الطفولة المبكرة اما بالنسبة للاطفال الذين هم اكبر سنا فيجب ان نميز بين العناد السلبي الخاطئ والعناد الايجابي لديهم، فكثيرا ما يكون العناد نوعا من طرق التعبير عن الوجود او تأكيد وجود الذات تجاه الاخر لانه إحدى الطرق السهلة في لفت الانتباه لذا يجب على الام او الاب ان يقدما الاوامر الى اطفالهما بهدوء ولطف وبدون تشدد او تسلط ويجب ان لا تطلب الام من طفلها الامتناع عن شيء ومن ثم تطلب منه فعل هذا الشيء في الوقت نفسه وكذلك الانتباه الى متابعة الطفل بأسلوب بعيد عن السيطرة مثلا متابعة الطفل في حالة طلب منه اداء الواجب المدرسي او قيامه بعمل شيء ما.
وعدم اللجوء الى العقاب اللفظي او البدني كوسيلة لتعديل سلوك العناد عند الطفل واذا استمر الطفل في عناده بعد هذا النوع من التفاهم فيجب وضع الطفل (حينها) امام بعض مسؤولياته او نتائج اخطائه او عناده التي من نتائجها حرمانه من عدة امور معنوية او مادية تجعله يدرك ان المعاندة السطحية او غير المبررة قد تكلفه ثمناً.