يتعرض اكثر من 62 الف مواطن فلسطيني يعيشون في منطقة الرام لمخاطر بيئية تنذر بوقوع كارثة صحية، في حال عدم اتخاذ خطوات "عاجلة" من اجل مواجهة هذا الخطر الناتج عن تجمع مياه الصرف الصحي"المجاري" في محيط "محابس" انابيب شبكة المياه التي تعاني من الاهتراء.
وتتعاظم هذه المشكلة البيئية في وقت ما زالت فيه المؤسسات الرسمية والاهلية في تلك المنطقة وتدخل في حالة اشتباك لفظي وانتقادات لبعضها البعض، في حين يدفع المواطن ثمن تلك الحالة الناتجة بالاساس عن غياب التنسيق والتكامل في الادوار بين تلك المؤسسات للاسراع في انجاز المشاريع التي تنفذها مصلحة المياه بخصوص تأهيل شبكة المياه التي يقدر عمرها بـ(40) عاما، وسط المطالبة بضرورة وضع مخططات شاملة لكل الخدمات التي تقدم للمواطنين في مجال المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، باعتبار ان غياب مثل هذا التخطيط الشامل يؤدي الى اهدار المال العام من جانب، ويؤثر على بقية الخدمات الاخرى ويجعل المنطقة تعيش حالة فوضى غير مبررة.
تفاصيل هذه المعاناة التي يعيشها سكان الرام كانت مطروحة على طاولة ائتلاف امان من اجل النزاهة والشفافية في البيرة في اجتماع دعا اليه الائتلاف بمشاركة ممثلين رسميين عن مصلحة المياه والمجلس البلدي في الرام، وممثلين عن المواطنين ووزارة الحكم وسلطة المياه الفلسطينية من اجل الاستماع لشكاوي المواطنين، والوقوف على اسباب تأخر تنفيذ مشاريع اصلاح شبكة المياه في الرام التي تنفذها مصلحة المياه ومن المقرر ان تنهي المرحلة الثانية خلال فترى قريبة ضمن خمسة مراحل وضعتها المصلحة لاعادة تاهيل شبكة المياه في تلك المنطقة.
واكدت ممثلة لجنة النزاهة في الرام شمال القدس المحتلة ومديرة مؤسسة عباد الشمس، فدوى خضر، وجود مخاطر حقيقية تتهدد صحة المواطنين وبيئتهم في منطقة بسبب عمليات حفر الطرقات وتجمع مياه الصرف الصحي فوق مفاتيح "محابس" المياه، ما يهدد تسرب مياه الصرف الصحي الى مياه الشرب ويجعل الاف المواطنين عرضة للاصابة بامراض معوية اذا ما جرى تلوث المياه.
ودافعت خضر بقوة عن حقوق السكان في تلك المنطقة في الحصول على خدمات مميزة وحقهم في الحصول على المعلومات الخاصة بالمشاريع التي تنفذ في منطقتهم واهمية التعامل بجدية من قبل المؤسسات الرسمية المسؤولة عن ادارة شؤون المواطنين مع شكاوي الاهالي، مؤكدة وجود معاناة حقيقية يعيشها اهالي الرام خاصة فيما يخص حفر الطرقات وانكشاف انابيب المياه ومخاطر انتشار الامراض المعدية جراء انسياب الصرف الصحي.
وقالت: "الوضع لا يحتمل حيث يعاني سكان 11 حيا في الرام من هذه المخاطر ما يستدعي الحلول السريعة من اجل حماية صحة الاهالي"، منتقدا التميز في التعامل ما بين سكان الرام وسكان المدن الاخرى من حيث اهتمام المؤسسات، واكثر ما زاد من تذمر المواطنين وحتى المسؤولين فيها تمثل في عدم وضوح الفترة الزمنية لانتهاء مشاريع تأهيل البنية التحتية الخاصة بشبكة المياه،وتصاعد امكانية وقوع كارثة بيئية خطيرة بسبب تماس مياه الصرف الصحي مع انابيب مياه الشرب.
ويطالب الأهالي والممثلون الرسميون عن المؤسسات الرسمية والأهلية في ألرام بضرورة التدخل لوقف هذا التدهور الحاصل خاصة فيما يخص المشاريع التي تنفذها مصلحة المياه في المنطقة من حفريات للطرق ومد الأنابيب وإصلاح التالف منها، واهمية تحمل المسؤولية الفردية والجماعية عما يجري في تلك المنطقة التي توصف بانها من "المناطق الرمادية" بسبب ان بعضها تابع للسيطرة الاسرائيلية واخرى للسلطة الفلسطينية ومنع الجانب الاسرائيلي لقوى الامن الفلسطينية العمل بحرية فيها.
وجرى عقد جلسة الاستماع لشكاوي الاهالي في تلك المنطقة بمشاركة مفوض الائتلاف لمكافحة الفساد، د.عزمي الشعيبي، ورئيس مجلس بلدي الرام، سرحان السلايمة، ومدير عام مصلحة المياه ابراهيم صافي، وممثلين عن وزارة الحكم المحلي وسلطة المياه، وجمهور من هذه المؤسسات اضافة الى خبراء ومختصين في هذا المجال.
اكد رئيس مجلس بلدي الرام، سرحان السلايمة، دعمه لاية انتقادات بهدف تطوير واقع الخدمات للمواطنين في منطقة الرام ، مشيرا الى ان احد اهم المشاكل تعيشها هذه المنطقة ناتجة عن البناء العشوائي الامر الذي ينعكس على نوعية وجودة الخدمات في مجال المياه والكهرباء والاتصالات والمواصلات.
وبخصوص اشكاليات العمل في المشاريع التي تنفذها مصلحة المياه في الرام قال سلايمة" انا اتولى هذا المنصب منذ 8 اعوام ولكنني لا اعرف لغاية الان طبيعة الامتياز الذي تتمتع به مصلحة المياه وصلاحياتها وحقوقهان اضافة الى مسؤولياتها وطبيعة العلاقة معها".
واضاف " لا يعقل ان يكون هناك حفريات في الرام تنفذها مصلحة المياه والمجلس لا يعلم عنها شيئا "، مشيرا الى ان هناك حفريات تمت امام احدى رياض الاطفال وبقيت دون اتمامها لمدة شهرين والامر نفسه حدث امام احدى المساجد في البلدة الامر الذي يعرض المواطنين للخطر.
واكد الشعيبي على ان هدف الجلسة هو مساءلة الجهات الرسمية المسؤولة عن هذا الامر ووضع اليات للحلول الخلاقة للمشاكل التي تواجه المواطنين في تلك المنطقة، رغم اقراره بان امكانية تحسين الوضع 100% امر غير واقعي وان الهدف هو تطوير المنطقة وفق االيات واضحة ومسؤوليات محددة تتحملها المؤسسات الرسمية ذات العلاقة في المنطقة اولها المجلس البلدي والمؤسسات التي تنفذ هذه المشاريع.
من ناحيته اكد ابراهيم صافي ان مصلحة المياه شركة رائدة وتقدم خدمات لنحو 400 الى 500 الف مواطن فلسطيني وتتعامل مع العديد من المجالس القروية والبلدية من خلال كتب رسمية تبعث الى هذه المجالس لوضعهم في صورة المشاريع التي تعتزم تنفيذها، موضحا ان منطقة الرام حصلت على ثلاثة مشاريع بقيمة مليون و100 الف دولار امريكي من اجل اعادة اصلاح شبكات المياه التي يزيد عمرها عن 40 عاما.
واشار الى ان مشكلة البناء العشوائي في تلك المنطقة والتعقيدات الموجود تعرقل العمل وانجازه بالسرعة الممكنة اضافة الى ضعف الوعي من قبل المواطنين بخصوص دور طواقم المصلحة الامر الذي يؤدي الى الاعتداء عليهم وعلى المقاولين ما يعيق العمل وتحقيق سرعة الانجاز في تنفيذ هذه المشاريع.
وقال " ان استبدال واصلاح الانابيب الخاصة بالشبكة القديمة يحتاج لفترة زمنية "، في حين اكد عدد من المهندسين التابعين للمصلحة بان العمل جاري من اجل اتمام المرحلة الثانية والانتقال للمرحلة الثالثة في هذه المشاريع التي تنفذ على اساس خمسة مراحل.
ورأى من جانبه المهندس احمد الهندي ممثل سلطة المياه الفلسطينية في الاجتماع، ان المشكلة تكمن في البنية الاساسية لمصلحة المياه والبنية القانونية وطبيعة علاقتها مع البلديات والمجالس القروية الواقعة في منطقة الامتياز، كما اكد ان اهم المشاكل تتمثل في عدم التخطيط المتكامل في تنفيذ المشاريع الخاصة بالمياه ومياه الصرف الصحي وشبكات الكهرباء والهواتف.
وقال الهندي "يجب تحديد المشكلة التي تتمثل في عدم وضوح العلاقة التنسيقية بين الطرفين وعدم وجود تكامل في التخطيط ".
واتفق ممثل وزارة الحكم المحلي، سليمان ابو مفرح، مع الهندي في اشكالية غياب التنسيق والتكامل الامر الذي ينتج عنه اشكاليات فيما يخص الفترة الزمنية لتنفيذ المشاريع ومراحلها.
واقترح الشعيبي الذي اكد ان مجلس الرام مسؤول امام المواطن ومصلحة المياه مسؤولة امام الجهات ذات العلاقة بما في ذلك سلطة المياه ووزارة الحكم المحلي، ان تبادر وزارة الحكم المحلي لعقد اجتماع ثلاثي بين مختلف الاطراف لوضع اليات لمعالجة هذا الوضع والتخفيف من الاضرار التي تلحق بالمواطنين وتسهيل استكمال تنفيذ هذا المشروع، مؤكدة ان ائتلاف امان سوف تخاطب وزير الحكم برسالة رسمية حول ابرز التوصيات الصادرة عن هذه الجلسة والعمل من اجل اعدا لائحة تنظيمية تصلح لكل البلديات بخصوص تنظيم شكل العلاقة مع مصلحة المياه والمؤسسات ذات العلاقة.
وعرضت خلال الجلسة وثائق وصور تدلل على المخاطر التي تهدد سكان تلك المنطقة، وسط مطالبة المؤسسات بتحمل مسؤولياتها والانتهاء من اعمال الصيانة والتاهيل للشبكات بالسرعة الممكنة، في حين يطالب بعض المتعهدون الذين شاركوا في الجلسة توفير الحماية لهم ومنع الاعتداء عليهم من قبل السكان الامر الذي يؤدي الى تعطيل وعرقلة تنفيذ هذه المشاريع.