تعودنا المسامحة والمجاملة في كل المسارات ، وقد تكون تلك العادة مقبولة في بعض المواقف الاجتماعية ، ولكنها بالتأكيد ليست صحية في الأمور الثقافية والعلمية التي لا تتعامل مع العواطف ، وفي المنتديات العربية هناك الكثير والكثير من المواضيع وحتى من المسميات والاجتهادات ما يشيب الرأس من هول الأخطاء ، في اللغة أو في الإملاء أو مجافاة الذوق العام أو في مجافاة الأدب ، وحتى في تلك الأسماء التي يتقدم بها البعض ما يجلب التقزز والنفور ، والقارئ العزيز ليس عليه أن يتحمل ويتقبل كل شئ أمامه بالثناء والشكر ، ولكن يجب عليه أن يتعود قول الحقيقة في قبول الجيد المقبول ، ورفض الكريه الممجوج ، فذلك الشخص الذي يرى العيوب في حروف الغير ويسكت فهو يشترك بقصد أو بغير قصد في إيذاء العلم والثقافة ، والأكثر من ذلك إيلاما أن يشترك في نشر الغث ومساعدة نشر الأخطاء والأغلاط والكلام الفارغ بمجاملات من الحروف يشيد ويمجد بالحروف وصاحب الحروف ، ويا ويل من يتجرأ ويحاول التصحيح بالنقد والتوجيه ، فهناك تقوم القيامة ، وليست من صاحب الشأن وحده بل من الآخرين الأصدقاء المجاملين ، ثم الطامة الكبرى أن يشترك في الأمر أصحاب الإدارة أنفسهم ، فهم في الغالب يفضلون الهدوء والسكينة على نشر العلم بالطريقة الصحيحة ، همهم الأول المجاملة والملاطفة والسماح بتداول تلك الجمل الاستهلاكية التي ملت بها المنتديات ، ولا يكون همهم الأول نشر الثقافة للأجيال بالطريقة العلمية الصحيحة ، والنقد البناء لدى العرب كان في الماضي سنداً في تقدم العلوم الثقافية العربية ، وفي الوقت الحاضر النقد يعتبر اهانة وطعن في شخص صاحب الموضوع ، وذلك بسب الجهل بجوهر وهدف النقد ، والنقد لدى الآخرين من الدول المتقدمة لا يدخل إطلاقاً في أمور المجاملات ، وهو علم قائم بنفسه ومهم للغاية في تصحيح المسارات ، فالقارئ ليس مطلوباً منه أن يقبل كل شئ بعلاته ، وليس عليه أن يتقبل كل اسم يأتي به احدهم كما يشاء وباجتهادات خارجة عن الذوق والأدب ، ولنا قدوة في رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عندما طلب من أحدهم بأن يغير اسمه وبالرغم من أن ذلك الاسم قد يروق لصاحبه ، ولكن العلة في أن الأسماء يستخدمه الآخرون أكثر من أصحابها ، والإنسان لا ينادي اسمه ولكن الآخرون هم المكلفون باستخدام الاسم ، وهناك فزروه يقول ( ما هو الشئ الذي يملكه الإنسان ويستخدمه الآخرون أكثر منه ؟؟ ) وطبعاً الإجابة هو الاسم ، فلماذا يظن البعض بأن النشاز وقلة الاحترام وقلة الذوق في اختيار الأسماء الرمزية من الأشياء الإعجابية ، بل بالعكس فإن الذوق في اختيار الأسماء الرمزية بالجماليات يدل على أن الذي يقف وراء الاسم يستلزم الاحترام ، أما ذلك الأول فالجواب باين من عنوانه وإن دل على شئ إنما يدل على هيافة وقلة وزن من يقف وراء ذلك الاسم ، وفي النهاية ليس من حق أحدهم أن يفرض واقعاً على حساب الذوق العام ، وإذا أصر عليه أن يتحمل أوزار النقد دون أن يأخذ في نفسه . وتلك هي مهمة النقد أن نعلم الأجيال الفرق بين الخطأ والصواب . والفرق بين الذوق العام وبين الغث وقبائح العادات .