أتاني القمر باكيا وقد شحُب وجههُ وبهُت لونهُ
وبدت دموعهُ كعقد من الؤلؤ على خديهِ
وتساءلتُ ما السبب ياترى؟
من عادتِهِ أن يأتني ضاحكاَ سعيداً
مرحاً بما يدور حولهُ في الدنيا
والآن يأتيني بدموعهِ وآهاته
فرجوتهُ ليهدأ ويقول ماعندهُ من كلام
وأخيراً نطق قائلاً:.
أعتدت كل ليلة أن أطل على عاشقان
يجلسان على أحدى صخور البحر
ويتناجيان بكلمات الحب والشوق
وكأن لا يوجد سواهما في هذا الكون العريض
ولأول مرة بعد روميو وجولييت أرى حباً كحُبهُما
لدرجة إحساسي بأن الكون قد تركز في نقطة واحدة
ليتأملهما وهذا المساء
ذهبت لأطل عليهما كعادتي فلم أجدهم
فرحت أبحث عنهم في كل ناحيه ومكان
حتى تناهى إلى مسامِعي صوتُ بكاء
ولكنه لم يكن بُكاءا عادياً
بل كان بكاء ثكالى وعويل
فتتبعتُ مصدر الصوت حتى أوصلني إلى مقبرة
على حافة الطريق
وهناك وجدتُ ذلك العاشق منكباً على أحد القبور
باكياً ناحباً يُناجي من في القبر قائلاً
أ نــــــــا عـــــــــــاشـــــــــــــق
أنا عاشق وأعشق تلك العينان
اللتانِ تحديتا جمال العيون
فلا رسم فيهما ولا لون
ولكن الطُهر والبراءة لهما مركزاً للكون
أنـــــــــــا عـــــــــاشــــــــق
وأعشق تلك النظرات الحنونه
التى تتطلعُ إلى العالم بسكون وكبرياء
كنظرات طفل أنا بها مجنون
أنــــــــــــا عــــــــــاشـــــــــــق
وأعشق تلك الشفتان اللتان تحديتا جمال الشِفاه
اللون الوردي لونهما هبة من الأله
مرسومتان وكأنما رسمهما أحد من الهواة
أنـــــــــــا عـــــــــــــــاشــــــــــــق
وأعشق تلك الأبتسامة الرائعة
تُدفئني ليوم يبعثون
كشمس وسط السماء ساطعة
أنــــــــــــــــاعــــــــــــاشـــــــــق
وأعشق ذلك الشعر الطويل
عندما يصل إلى الخصر النحيل
ناعم كأوراق الزهور
أنـــــــــــــاعـــــــــــاشـــــــــــــق
وأعشق لونهُ الذي ليس له مثيل
أسود حالكا جميل كعباءة الليل الظليل
أنــــــــــا عــــــــــــــاشـــــــــــق
وأعشق ذلك الوجه المنير الذى يطلُ على العالم بحياء
مجتمعاً فيه كل النقاء صافى من كل الأحقاد
أنـــــــــــا عــــــــــــــاشــــــــــــق
وأعشق النور الذى يشِعُ من وجهها بصفاء
كقمرٍ منيرٍ وسط السماء وهنا أنقطعت مناجاتهُ
ليُخفِض رأسهُ ويعاود البُكاء
فرحلتُ عن القمر طالباً المواساة
وقبل وصولي مررت بمكانهُما المعتاد
ورأيت تلك الزاوية قد غمرها الظلام
بعدما كان النور مجتمِعا فيها
صرخة عذاب ..