| شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل | |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أمير الحب المراقب العام
الجنس : عدد المساهمات : 10549 العمر : 35 الموقع : تايه بدنيا الحب العمل/الترفيه : موظف المزاج : رايق كتير
| موضوع: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الثلاثاء سبتمبر 13, 2011 6:48 pm | |
| كانت( نورهان) فتاة جميلة ، ممشوقة القامة ، مرحة، حلوة المعشر واللسان، اضافة الى القرابة البعيدة والصداقة التي كانت تربط بين والدينا منذ الصغر. والدها كان يملك محلا لبيع انواع الحلويات الراقية في شارع الجمهورية .. وكثيرا ماكنّا نزوغ من الدروس الشاغرة لنذهب الى السوق ونعرج على محل والدها ليملأ جيوبنا بانواع الحلوى والشوكولاتة.. ثم نعود قبل ان يقرع الجرس معلنا ابتداء الدرس التالي، ونروح نقتسم مابحوزتنا من حلويات وسكاكر على باقي الصديقات .. وفي بعض الاحيان كانت تدور معارك طاحنة مابين الضحك والمرح والصراخ والضجيج عندما تحاول كل واحدة منا ان تحصل على كمية اكبر من الحلويات. كنّا نتزاور عائليا، ونخرج في سفرات جماعية الى المناطق الخضراء في فصل الربيع، وكان اغلبه الى منطقة تازة خورماتو*. وبينما كان الاهل ينشغلون في اشعال الفحم ووضع اسياخ اللحم على النار كنا نحن نجري ونمرح ونجمع الزهور البرية الصفراء والحمراء ونجعل منه تيجانا نزين به رؤوسنا .. كنت اسمعها في بعض الاحيان تتنهد عميقا وتلقي بنظراتها الى البعيد .. وفي احيان اخرى كانت تركز حدقتيها في السماء كلما مرت طائرة مروحية في الجو، ولا تعيد نظراتها الا بعد ان تختفي الطائرة وتصبح نقطة غير مرئية.. كنت اشعر ان في حياتها شيئا تخفيه عني وكنت احترم سكوتها ليقيني انها ستصارحني في يوم ما.. ولم يمر وقت طويل حتى جاء ذلك اليوم .. خرجنا فيه بمجموعات بعد انتهاء اليوم الدراسي ، ثم اخذت المجموعة تنقص وتنقص كلما تقدمنا في الفروع حتى بقينا انا وهي وحدنا .. وفيما نحن نتقدم منشغلات بالحديث.. توقفت سيارة بجانبنا .. كان يقودها شاب اسمر وسيم الشكل ، وبابتسامة مشرقة وجهه حديثه الى( نورهان) قائلا : ستأتي والدتي غدا مساء لزيارتكم .. ثم القى التحية وسار في طريقه.. بهتت نورهان كما بهتُ انا، نظرت اليها انتظر تفسيرا ، فهربت بنظراتها، واكتسى وجهها حمرة خجل شديدة .. ثم بكلمات متعثرة خجولة صارحتني بانه يعمل طيارا ويحبان بعضهما منذ سنوات وسيتقدم لخطبتها غدا كما سمعت ذلك باذني .. غدا كان الخميس وكان علي الانتظار الى يوم السبت لاعرف النتيجة .. خفت ان اهاتفها فتحرج امام اهلها .. جاءت( نورهان) يوم السبت الى المدرسة ولكنها لم تكن سعيدة كما توقعتها.. اخبرتني ان والدها قد رفض مدعيا ان اولاد عمها اولى بها من الغريب.. ومرت ايام صعبة وحزينة على نورهان ونحن على ابواب الامتحانات النهائية، لننهي مرحلة من حياتنا الدراسية استعدادا للمرحلة الجامعية.. وفي هذه الاثناء كانت الحرب العراقية الايرانية قد بدأت والتحق احمد بواجبه كطيار لمروحة سمتية. عدت في يوم من خارج البيت لاجد عندنا ضيوفا، ودهشت عندما وجدته( احمد) ووالديه .. دلّوهُ اهل الخير من الذين يعرفون صداقة والدي لوالد( نورهان) املا في ان يتوسط لهم عنده .. اعجب والدي بالشاب وبأدبه الجم واخلاقه العالية ووعدهم خيرا .. واذكر من الاحاديث التي دارت في حينهاان احمد لم يكن راضيا عن اشتراكه في الحرب على ايران.. فعل والدي مابوسعه في اقناع والد (نورهان) بجدارة احمد في ان يكون زوجا لابنته .. ونجحت المساعي بعد جهد جهيد واخذ ورد.. واذكر يومها عندما انحنى احمد ليقبّل يد والدي بحرارة ورفعها الى جبينه عرفانا بالجميل وهو يقول متندرا: شكرا لمساعيكم الحميدة ياعمي ( في اشارة الى لجنة المساعي الحميدة التي تشكلت في اثناء الحرب العراقية الايرانية في مسعى لايقاف الحرب بين البلدين المتحاربين).. وبقينا بعدها لفترة طويلة نسمي والدي بلجنة المساعي الحميدة. وهكذا دُعينا الى حفلة عرس نورهان واحمد.. وحقا كان عرس الموسم .. العروسان كانا سعداء جدا ، وشاع هذا الفرح الى جميع المدعويين ، ولم يبقى احدا جالسا في مكانه ، انخرط الكل في اداء الدبكات والرقصات التركمانية الجميلة بما فيهم العروسين . انقطعت نورهان عن اتمام التعليم بعد الزواج حسب رغبتها واكتفت بشهادة الاعدادية ووجهت كل اهتمامها الى بيتها وزوجها ، وكانت سعادتها تطغي على قسمات وجهها لتزداد جمالا واشراقا كل يوم ، وكانت تزورنا باستمرار مع احمد كلما عاد في اجازة من جبهات القتال . ومرت سنوات قليلة انجبت خلالها نورهان طفلتين جميلتين اخذتا تنموان بسرعة وتزداد شقاوتهم ، وزاد الحمل عليها في غياب زوجها ولكنها لم تشتكي ولم تتذمر ..واخذ احمد يرتقي في مناصبه نظرا لكفائته واخلاصه في العمل حتى وصل الى رتبة (عقيد) ، واختير من ضمن من ارسلوا الى خارج العراق في دورة تدريبية لتطوير مهاراته، وعندما عاد كانت المعركة مع ايران لا زالت دائرة وتطحن الالاف من الطرفين .. كنّا نقضي اغلب ليالينا في سرداب البيت ونسمع اصوات الطائرات وازيز القنابل حتى الصباح وسط دعوات الكبار وبكاء الصغار .. واصبح امرا عاديا رؤية سيارات الاجرة التي تحمل رفات الشهداء ملفوفة بالعلم العراقي وهي تجوب شوارع وفروع المدينة بحثا عن بيوت الشهداء .. واعتادت اذاننا على سماع صافرات الانذار وما تنذر به من شؤم وموت وخراب ديار.. وكانت الطائرات المغيرة كثيرا ما تطلق صواريخها بصورة عشوائية لتسقط على البيوت السكنية والمدارس والاسواق ، واذكر منها قنابل سقطت في وسط سوق شعبي في منطقة كركوك القديمة كانت تسمى ( خورما خاني) اي خان التمر وذهب ضحيتها الكثير من الموجودين في السوق المكتظ بالمتسوقين في ذروة ساعات النهار.. وقنابل اخرى سقطت على منطقة امام قاسم وعلى بيت كان سكانها من الاخوة الاكراد و كان غاصا بالمدعويين الذين حضروا من السليمانية واربيل احتفالا بعرس ابنهم ..ومات منهم العشرات ومن ضمنهم العريس.. هذا عدا الهجوم الشبه اليومي على شركة نفط كركوك وعلى المطار العسكري الذي كان يقع بين البيوت السكنية .. ولموقع بيتنا القريب من المطار انذاك فقد كنا نضطر بين فترة واخرى الى تغيير زجاج النوافذ التي كانت تتهاوى الى قطع صغيرة من تأثير دوي وعصف الانفجارات القوية. وفي يوم اتصلت نورهان وكانت تبكي بحرقة لتبلغنا بان احمد قد قبض عليه وسجن.. وعند سؤالنا عن الاسباب علمنا بأنه ومن موقعه كقائد لسرب الطائرات السمتية كان يعارض ويحتج على ارسال الطيارين الشباب ليكونوا صيدا سهلا لنيران المقاومات الارضية، وفي ذلك اليوم كان قد فقد احد اصدقائه من الطيارين الذي سقطت طائرته محترقة ليحترق هو معها، وجلس يبكيه بحرقة امام زملائه من الطيارين وانتقد كل شئ، انتقد الحرب ومروجيها واسبابها التافهة التي تؤدي الى حصد خيرة الشباب وفي النهاية قال لزملائه: ( من فقدناهم كانوا السابقين ونحن سنكون اللاحقين عاجلا ام آجلا فيما اذا استمرالحرب على هذا المنوال).. وقبل ان تمر ساعة كان التقرير ضده قد رفع الى القيادة كالمعتاد.. واتهم بالخيانه والعمالة والتقصير في اداء الواجب، وهذه ابسط الاتهامات التي كانت توجه الى من كان يعترض على ممارسات السلطة البائدة. استمر سجن احمد اكثر من ستة اشهر حاولت نورهان خلالها ان تزوره في مكان اعتقاله، ولم يتحقق لها ذلك.. بعد ستة اشهر اتصلت بنا وهي تزغرد قائلة : باركوا لي ، لقد اتصلوا بي الان واخبروني ان احمد سيطلق سراحه غدا .. في الغد كنّا قد جهزنا انفسنا للذهاب لنكون اول المهنئين برجوعه الى البيت ..اتصلنا خلال النهار بنورهان مرارا واخبرتنا بانها سعيدة جدا، واهل زوجها ينتظرون معها وقد البست بناتها ملابس العيد ، وينتظران اباهم امام الباب، وجهزت علب الحلوى والمرطبات التي احضرها والدها والخروف جاهز لتذبحه تحت قدمية ووعدتنا اننا سنكون اول العارفين حالما يصل .. مرت ساعات اخرى .. طلبت والدتي مني ان اتصل واسأل .. واتصلت .. رن الهاتف طويلا قبل ان تُرفع السماعة .. وقبل ان اسمع صوت الطرف الاخر شق أذني صراخ قلب مفجوع ميزت فيه صوت نورهان.. كان في الطرف الاخر صوتا نسويا لم اعرف صاحبته حتى الان.. قالت:ـ للاسف احمد لن يستطيع ان يرد على التهاني لانه رجع جثة هامدة في تابوت.. ثم اقفلت الخط.
* ناحية تابعة الى محافظة كركوك مشهورة باراضها الخصبة واكتسائها بحلة خضراء في الربيع |
|
| |
جريح الأيام إدارة المـــنـــتــدي
الجنس : عدد المساهمات : 19868 العمر : 35 العمل/الترفيه : ولا أشي والحمد الله المزاج : رايق
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الثلاثاء سبتمبر 13, 2011 7:45 pm | |
| سلمت الاياااادي امير على القصة
سررت بطرحك الرااائع
تحياتي الك |
|
| |
أمير الحب المراقب العام
الجنس : عدد المساهمات : 10549 العمر : 35 الموقع : تايه بدنيا الحب العمل/الترفيه : موظف المزاج : رايق كتير
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الأربعاء سبتمبر 14, 2011 7:13 am | |
| مشكور لمرورك العطر جريح دمت بود اح ترامي |
|
| |
لمسة حنين الأعضاء V.I.B
الجنس : عدد المساهمات : 5027 المزاج : رضاااا من الله
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الأربعاء سبتمبر 14, 2011 10:27 am | |
| يسلمووو على القصة الجميلة |
|
| |
أمير الحب المراقب العام
الجنس : عدد المساهمات : 10549 العمر : 35 الموقع : تايه بدنيا الحب العمل/الترفيه : موظف المزاج : رايق كتير
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الخميس سبتمبر 15, 2011 7:04 pm | |
| مشكوره لمسه على مرورك العطر نورتي من جديد اح ترامي
|
|
| |
رنوش المراقيه عامه
الجنس : عدد المساهمات : 2471 العمر : 34 العمل/الترفيه : .... المزاج : ...
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الخميس سبتمبر 15, 2011 8:57 pm | |
| شكراً لكِ على القصه الرائعه
|
|
| |
رياح الموت عضو فعال
الجنس : عدد المساهمات : 204 العمر : 35 العمل/الترفيه : ........ المزاج : حزين
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الجمعة سبتمبر 16, 2011 10:19 pm | |
| |
|
| |
أمير الحب المراقب العام
الجنس : عدد المساهمات : 10549 العمر : 35 الموقع : تايه بدنيا الحب العمل/الترفيه : موظف المزاج : رايق كتير
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الجمعة سبتمبر 16, 2011 10:39 pm | |
| مشكور رياح لمرورك نورت اح ترامي |
|
| |
سنفور الحب عضو نشيط
الجنس : عدد المساهمات : 84 العمر : 33 العمل/الترفيه : حر المزاج : رايق
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الإثنين سبتمبر 26, 2011 6:21 pm | |
| مشكووووووووووور ع الطرح تحياتي |
|
| |
أمير الحب المراقب العام
الجنس : عدد المساهمات : 10549 العمر : 35 الموقع : تايه بدنيا الحب العمل/الترفيه : موظف المزاج : رايق كتير
| موضوع: رد: شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل الأربعاء أكتوبر 05, 2011 7:52 pm | |
| |
|
| |
| شئ في صدري من مآسي الماضي فرحة لم تكتمل | |
|