قال الأسير السابق الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة بان معاناة الأسرى في معتقل النقب الصحراوي تتفاقم يوما بعد يوم جراء الأوضاع والظروف القاسية والمعاملة اللا إنسانية وسوء المناخ وقساوته صيفا وشتاءً، بالإضافة الى انتشار الزواحف والحشرات الضارة، وتلوث البيئة بسبب قربه من شبح " مفاعل ديمونا " ونفاياته النووية وما يتسرب منه من اشعاعات سامة، وما ينتج أيضا من تلوث للبيئة وباطن الأرض جراء دفن مخلفاته السامة هناك.
واضاف: بأنه تلقى في الأسابيع الأخيرة العديد من الرسائل من الأسرى هناك يشرحون فيها صور معاناتهم المتعددة داخل الخيام المهترئة أو حجرات الصفيح التي تُسمى " كرفانات "، ويناشدون المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى وللمؤسسات الحقوقية والإنسانية للتدخل لوضع حد لمعاناتهم وانقاذ حياتهم من سوء الأوضاع وتقديم الرعاية الطبية لمن يتعرض لوعكات صحية جراء ذلك.
واشار فروانة الى أن قسوة المناخ وشدة ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف والتي تحرق أجسادهم وانتشار الزواحف السامة والحشرات الضارة كانت سببا في ظهور العديد من الأمراض وسببت لهم مزيدا من الآلام والمعاناة الإضافية في ظل انعدام الرعاية الطبية وعدم توفر ما يمكن ان يحميهم من تأثيرات حرارة الجو أو العمل من أجل الحد من انتشار الزواحف والحشرات، بل وعلى العكس فبدلاً من أن توفر لهم ادارة المعتقل العلاج اللازم والسريع، فإنها تتباطأ في تقديم الرعاية الطبية و توفير العلاج المناسب في الوقت المناسب.
ونوه فروانة بأن الحديث لا يدور عن معتقل محدود المساحة أو قسم من أقسام سجن كبير، بل نحن نتحدث عن معتقل يضم قرابة ثلث مجموع الأسرى عموماً اسمه " كيتسعوت " ويُطلق عليه الفلسطينيون معتقل أنصار 3 ويقع في صحراء النقب جنوب فلسطين، وأن الأحوال المناخية في الصحراء وتاثيراتها السلبية على صحة الإنسانة يعرفها الجميع.
وأن العديد من الدراسات أكدت بأن تعرض الإنسان لفترات حر طويلة وشديدة تضر بصحته وتؤثر بدرجة كبيرة على القوى الحيوية لديه، كما وإن الرطوبة العالية أو المنخفضة تضر أيضاً بصحته، وأن الجو الرطب يساعد على نمو البكتيريا والجراثيم ويبعث على الكسل والخمول، وأن آثار ذلك قد يظهر بشكل آني على صحة الإنسان، أو بعد فترة من الزمن، ولربما هذا ما يفسر بروز مثل هذه الأمراض على الأسرى بعد تحررهم .
فيما يقول الأطباء أن برودة الجو لها تأثير شديد على جسم الإنسان ، لا سيما على العظام حيث يتسلل البرد القارص إليها من الداخل ويتسبب في إحداث الآلام والالتهابات ، لا سيما امراض العظام والروماتيزم والتهابات المفاصل وآلام الظهر، والأمراض الصدرية خاصة الإنفلونزا والرشح والتهاب الحلق ونزلة البرد وغيرها ، هذا في ظل النقص الحاد في الأغطية والملابس الشتوية وشحة الأدوية.
وأوضح فروانة بأن المعتقل المذكور موجود في منطقة قريبة من " مفاعل ديمونا " في صحراء النقب التي تحولت الى مخزن لدفن نفاياته السامة ومادة الاسبست التي تؤدي الى الإصابة بأمراض مسرطنة ، وكانت وزارة البيئة الإسرائيلية قد حظرت في تقرير لها أصدرته في يناير من العام الماضي من تأثيرات دفن مخلفات مفاعل ديمونا من نفايات سامة وخطيرة في منطقة النقب وتأثيراتها على البيئة والأضرار التي تلحق بآبار المياه الجوفية الموجودة في المنطقة ، مما قد تسبب الإصابة بأمراض السرطان ، وربما هذا ما يُفسر تصاعد انتشار الأمراض الغريبة والخبيثة وحالات تسمم عديدة فيما بين اوساط الأسرى في الآونة الأخيرة .
وفي هذا السياق يرى فروانة بأن " مفاعل ديمونا " سيبقى جاثماً كشبح الموت في صحراء النقب يشكل خطرا حقيقيا ليس فقط على صحة وحياة الأسرى في معتقل النقب الصحراوي بل وعلى الأسرى في سجني نفحة وريمون القريبة منه، وان التسرب الإشعاعي من المفاعل ستكون سببا رئيسيا في اصابة المزيد من الأسرى بأمراض خطيرة ، وعلى الجميع تدارك الأمر والتحرك للضغط من أجل اغلاقها ونقل الأسرى الى أماكن آمنة.
يُذكر أن معتقل النقب الصحراوي تم افتتاحه في 17 مارس / آذار عام 1988 ، داخل منطقة عسكرية هي بالأساس معسكر للجيش الإسرائيلي ملاصقة للحدود المصرية في صحراء النقب بجنوب فلسطين ، وتم إغلاقه في منتصف عام 1996 ، ومن ثم أعيد افتتاحه من جديد خلال انتفاضة الأقصى عام 2002 بهدف استيعاب الأعداد الهائلة من المعتقلين ، وفي عام 2006 انتقلت السيطرة عليه لإدارة مصلحة السجون ، بعدما كان يخضع لإدارة الجيش العسكرية مباشرة، وقد استشهد بداخله منذ نشأته ( 9 ) أسرى ، ويقبع فيه الآن قرابة ( 2000 ) أسير أي ثلث اجمالي عدد الأسرى.