تم إقرار إقامة الجدار العنصري الفاصل في شهر إبريل/نيسان، من العام 2002 خلال جلسة خاصة عقدها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر. وتم البدء بتنفيذه في شهر حزيران من العام نفسه، بعد أن تسلّم أرئيل شارون رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
أدت إقامة هذا الجدار، إلى مصادرة 10% من حجم أراضي الضفة الغربية، بمساحة تصل من 160–180 ألف دونم.
يتراوح عرضه من 60 -150 متراً في بعض المواقع والمقاطع التي سيمر منها، وبارتفاع يصل إلى 8 أمتار. وأضيف إليه: أسلاك شائكة، وخندق يصل عمقه إلى أربعة أمتار وعرضه أيضاً أربعة أمتار، بهدف منع مرور المركبات والمشاة، وطريق للدوريات، وطريق ترابي مغطّى بالرّمال لكشف الأثر، وسياج كهربائي، مع جدار إسمنتي يصل ارتفاعه إلى 8 أمتار، وطريق معبّد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة، وأبراج مراقبة مزوّدة بكاميرات وأجهزة استشعار.
بلغ طول الجدار ثلاثة أضعاف طول حائط برلين وضعفيه في الارتفاع.
تم تشييد الجدار من الاسمنت المسلّح، وأضيفت له عشرات أبراج المراقبة الإسمنتية ومنطقة عازلة على اتساع 30 – 100 متر؛ لتفسح المجال لوضع أسيجة كهربائية وخنادق وآلات تصوير وأجهزة عالية الحساسية وحركة للدوريات على امتداده.
يمر الجدار في الكثير من الأماكن، ابتداءً من أقصى شمال الضفة الغربية في محافظة جنين، وحتى أقصى الجنوب في محافظة الخليل، ليبتعد مسافة أمتار قليلة فقط عن البيوت والمحلات التجارية والمدارس الفلسطينية.
هذا الجدار سيعزل حوالي (895) ألف فلسطيني من سكان الضفة الغربية، عدا عن ذلك تم عزل 200 ألف فلسطيني في القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية. كما أنه عزل (16) تجمعاً سكانياً داخل الجدار منها (13) تجمعاً في مناطق: جنين، وطولكرم، وقلقيلية في المرحلة الأولى من بنائه، تضم حوالي (11,300) نسمة. ويشكل هذا العزل انتهاكات ذات أبعاد مختلفة على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والتعليمية.
الجدار يخرق الحق القانوني في التعليم
يخرق الجدار الإسرائيلي وسياسات إسرائيل فيما يختص بالتعليم المواثيق والقوانين التالية:
أ. قانون التعليم الإلزامي الإسرائيلي نفسه والذي يُوجب الحكومة بتوفير التعليم الإلزامي المجاني لكل طفل يتراوح عمره بين ٥ و١٥ سنة، بصرف النظر فيما إذا كان لهذا الطفل قَيْد في سجل السكان في وزارة الداخلية أو حتى فيما إذا كان والداه مقيمين بشكل غير قانوني.
ب. الفقرة ٥۰ من معاهدة جنيف الرابعة والتي تطالب إسرائيل بصفتها قوة الاحتلال بأن "تُسهل على المؤسسات، التي تُكرِّس جهودها للعناية بالأطفال وتعليمهم، القيام بعملها بشكل لائق".
ت. الميثاق المُعَد ضد التمييز في التعليم والذي يمنع بشكل صريح "حصر التعليم ذي المستوى المُتدني في شخص أو فئة من الأشخاص".
ث. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يؤكد أن "التعليم حق للجميع".
ج. ميثاق حقوق الطفل والذي يؤكد أن الدول يجب أن "تعترف بحق الطفل في التعليم..... على أساس تكافؤ الفرص...."
ح. الاتفاقية الدولية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تؤكد على أن "التعليم حق للجميع" وأن "التعليم الأساسي يجب أن يكون إلزامياً ومتوفراً للجميع بالمَجَّان".
الجدار: تفتيت الوحدة الجغرافية
عمل الجدار على تفتيت الوحدة الجغرافية للفلسطينيين، والتي تعدّ من أهم مقومات الدولة التي يحلمون بها. وكذلك هناك بعض الآثار الاجتماعية والنفسية والصحية التي تتعلق بالإنسان الفلسطيني وما يشعر به من أضرار جراء الاستمرار في بناء الجدار، والتي تجعل حياته على هذه الأرض شبه مستحيلة، فمنها الآثار الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني الذي يعتمد على الترابط الأسري والنسيج الاجتماعي، والذي تعرّض من جراء الجدار إلى تقطيع الأوصال بين هذه القرى والمدن والذي سوف يؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية التي تفرضها عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني، حيث سيتم عزل أكثر من 40% من سكان المحافظة بعضهم عن بعض.
ومن آثاره النفسية السلبية، أنه عمل على عزل أسرة البيت الواحد وعزل أفراد العائلة عن بعضهم وعزل الطلبة عن زملائهم، الأمر الذي يؤثر سلباً على حالتهم النفسية والتي تؤدي إلى اليأس والقلق وخلق أجواء من الفراغ في العلاقات والحرمان، وكذلك فإن المزارع الفلسطيني يعتبر أرضه جزءاً من شخصيته، فكيف سيكون حاله وهو يشاهد ما بناه في أعوام يُهدم ويُدمّر ويصادر مرة واحدة.
تأثير الجدار على العملية التعليمية:
يضيف جدار الضم والتوسّع العنصري صعوبات كبيرة، إلى جانب الصعوبات الأخرى التي تواجه وزارة التربية والتعليم العالي بسبب منع عدد من المعلمين من الانتقال من وإلى هذه التجمعات، وكذلك الأمر بالنسبة لطلبة المدارس والجامعات، مما أدى إلى حرمان عدد كبير منهم من حقهم في التعليم، خاصة أنه لا يمكن سدّ حاجة هذه المدارس من المعلمين من هذه القرى والتجمّعات بأية وسيلة كانت، والأمر يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة لطلبة الجامعات. أما أكبر مشكلة فهي في التجمعات التي لا يوجد فيها مدارس على الإطلاق والتي تحتاج إلى حل سريع قبل إيجاد حلول للمشاكل السابقة. وقد يكون المعلمون أكثر من يتعرّض للمعاناة أثناء تنقّلهم عبر هذا الجدار، نظراً لأنهم يتعرضون لممارسات يومية متنوّعة تتمثل في:
1- عدم السماح لهم بالوصول إلى مدارسهم في معظم الأيام، وذلك باستخدام حجج وذرائع مختلفة، مثلما يحدث على الحاجز الموجود على الجدار في مدخل قرية برطعة في منطقة جنين حيث يتم احتجاز المعلمين لعدة ساعات ثم يسمح لهم بالمرور، بعد أن يكون اليوم الدراسي قد انتهى أو شارف على الانتهاء.
2- حجزهم على بوابات الجدار لعدة ساعات، وبعد ذلك يتم منعهم من الوصول لمدارسهم، وهذا يتكرّر باستمرار خاصة مع طلاب قريتي راس طيرة والضبعة في منطقة قلقيلية.
3- التعرض للمعلمين والمعلمات بالكلمات والألفاظ النابية باستمرار، وهذه الإهانات تتكرر على كافة الحواجز عند مداخل الجدار.
4- الإصرار على التفتيش الجسدي، وخاصة للمعلمات من قبل الجنود المتواجدين على الحاجز، كما يحدث مع معلمات مدرسة بنات برطعة في جنين حيث يتعرض لهنّ الجنود باستمرار.
هذه الإجراءات الإسرائيلية العنصرية تؤدي إلى:
• عدم انتظام العملية التعليمية في المدارس: في معظم الأيام يتم تعطيل الدوام بشكل جزئي، حيث يتم منع عدد من الطلاب أو المعلمين من الوصل إلى المدارس، أو تأخير وصولهم عبر حجزهم لساعات طويلة.
• خروج الطلاب والطالبات من المدارس بشكل عفوي: إن عدم تواجد المعلمين وعدم إمكانية توفير بديل عنهم يؤدي إلى مغادرة الطلاب قبل انتهاء اليوم الدراسي، وهذا أدى إلى أن تقوم هذه المدارس ببدء الدوام المدرسي قبل موعده بنصف ساعة ليتم تعويض الطلاب عما يفوتهم من حصص دراسيّة.
• عدم إعطاء الطلاب حقهم التعليمي في المناهج المقررة، وخاصة طلاب الثانوية العامة (التوجيهي) مما قد يعرضهم للتأخر في إنهاء المناهج، وقد يؤثر هذا على مستوى تحصيلهم الدراسي.
• عدم توفر إمكانيات في المدارس لمتابعة الأنشطة الصفية واللاصفية، حيث إنه نظراً لتغيّب وتأخير المعلمين والطلاب، يتم التركيز على إنهاء المناهج الدراسية المقررة فقط.
كما ويمنع جنود الاحتلال الإسرائيلي عند بوابات الجدار بشكل مستمر، موظفي مكاتب التربية والتعليم من الوصول إلى المدارس داخل الجدار، وهذا يؤدي إلى انخفاض مستوى التنسيق بين المدارس ومكاتب التربية والتعليم وإلى إرباك العملية التربوية بشكل عام.